غسل الجنابة
نویسنده : مهسا | زمان انتشار : 19 اردیبهشت 1398 ساعت 20:04
بواسطة: طارق محمد - آخر تحديث: ١١:٣٩ ، ٤ فبراير ٢٠١٦
'); }
إنّ معنى الجنابة لغةً ما هو ضدّ القرب والقرابة، وقال النّووي:" تُطْلَقُ الْجَنَابَةُ فِي الشَّرْعِ عَلَى مَنْ أَنْزَل الْمَنِيَّ، وَعَلَى مَنْ جَامَعَ، وَسُمِّيَ جُنُبًا؛ لأَِنَّهُ يَجْتَنِبُ الصَّلاَةَ وَالْمَسْجِدَ وَالْقِرَاءَةَ وَيَتَبَاعَدُ عَنْهَا "، وفي نهاية المحتاج:" الْجَنَابَةُ شَرْعًا أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ يَقُومُ بِالْبَدَنِ، يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلاَةِ، حَيْثُ لاَ مُرَخِّصَ " (1)، وسنذكر في هذا المقال كيفيّة الغسل من الجنابة وأحكامها.
كيفية غسل الجنابة
الغسل في معناه يعني الطهارة الواجبة بسبب الحدث الأكبر، مثل الجنابة والحيض، أمّا الهيئة التي تتمّ عليها فهي كما يلي: (2)
'); }
- أن ينوي المسلم الاغتسال بقلبه، وذلك دون أن ينطق بالنّية.
- أن يسمّي بقوله:" بسم الله ".
- أن يتوضّأ وضوءاً تامّاً وكاملاً.
- أن يحثو الماء على رأسهن فإذا أتمّ روايته أفاض عليه الماء ثلاث مرّات أُخر.
- أن يغسل سائر بدنه جميعاً.
وقد ورد أنّ للغسل من الجنابة صفتين، هما: (4)
- الغسل الواجب: وهو الغسل الذي من قام به أجزأه، وارتفع حدثه، وهو ما جمع النّية وتعميم الجسد بالماء.
- الغسل الكامل: وهو الغسل الذي يجمع بين الواجب والمستحبّ، وهو أن يغسل كفّيه قبل البدء، ثمّ يفرغ بيمينه على شماله، ويغسل فرجه، ثمّ يتوضّأ وضوءه للصلاة، وله أن يؤخّر غسل رجليه، ثمّ يفيض الماء على شعره ثلاث مرّات، حتى يرتوي كله، ثمّ يفيض الماء على جانبه الأيمن، ثمّ على جانبه الأيسر، ودليله ما جاء في الصّحيحين من حديث ابن عباس، عن خالته ميمونة ـ رضي الله عنهما ـ قالت:" أدنيت لرسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - غسله من الجنابة، فغسل كفّيه مرّتين أو ثلاثاً، ثمّ أدخل يده في الإناء، ثمّ أفرغ به على فرجه وغسل بشماله، ثمّ ضرب بشماله الأرض، فدلكها دلكاً شديداً، ثمّ توضأ وضوءه للصلاة، ثمّ أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفّه، ثمّ غسل سائر جسده، ثمّ تنحّى عن مقامه ذلك، فغسل رجليه، ثمّ أتيته بالمنديل فردّه.
أسباب الجنابة
إنّ للجنابة سببان، هما: (1)
- غيبوبة الحشفة أو قدرها من مقطوعها في قبل أو دبر امرأة أو رجل، سواءً أحصل بذلك إنزال أم لم يحصل، ويكون هذا للبالغين باتفاق العلماء، قال الشّافعي:" وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْجِمَاعَ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِنْزَالٌ - جَنَابَةً، وَالْجَنَابَةُ تَحْصُل لِمَنْ وَقَعَ الْوَطْءُ مِنْهُ، أَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ ". وقد زاد جمهور الفقهاء - المالكيّة والشافعيّة والحنابلة - أنّ الجنابة تحصل بذلك، ولو كان الوطئ لغير مشتهى، كميتة وبهيمة. أمّا الحنفية فقد قالوا:" لاَ تَحْدُثُ الْجَنَابَةُ بِذَلِكَ إِلاَّ إِذَا كَانَ مَعَ الإِْيلاَجِ إِنْزَالٌ؛ لأَِنَّ الْفِعْل فِي ذَلِكَ لَيْسَ نَظِيرَ الْفِعْل فِي فَرْجِ الإِْنْسَانِ فِي السَّبَبِيَّةِ ".
أمّا بالنّسبة لغير البالغين فقد قال الشّافعية:" يَجْنُبُ الصَّغِيرُ بِإِيلاَجِهِ عَلَى الْوَصْفِ السَّابِقِ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ تَجْنُبُ بِالإِْيلاَجِ فِيهَا، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ "، وهذا قول الحنابلة أيضاً، ولكنّهم قيدوا ذلك بما إذا كان غير البالغ ممّن يجامع مثله وهو ابن عشر وبنت تسع، قال الإمام أحمد:" إِنْ كَانَ الْوَاطِئُ صَغِيرًا، أَوِ الْمَوْطُوءَةُ صَغِيرَةً وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْغُسْل ".
- خروج المني بشهوة من رجل أو امرأة، سواءً أكان ذلك بسبب الاحتلام أم الاستمناء، أم النّظر، أم التفكير، أم التقبيل، أم غير ذلك، وهذا باتفاق العلماء. فأمّا الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة فقد اشترطوا وجود الشّهوة لحصول الجنابة، ولذلك فإنّه لا جنابة عندهم بخروج المني حال المرض، أمّا الشّافعية فإنّ الجنابة تحصل عندهم بخروج المني من مخرجه المعتاد، سواءً أكان ذلك بشهوة أم بغيرها.
أحكام الجنابة
من الأمور التي يحرم على الجنب القيام بها، أو التي اختلف العلماء في هيئة تحريمها، ما يلي: (3)
- يحرم على الجنب أداء الصّلاة، والدّليل على ذلك موجود في القرآن الكريم، والسّنة النّبوية، وبإجماع المسلمين. قال تعالى:"يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا "، المائدة/6.
- اختلف العلماء في طواف الجنب، ففي المذهب المالكي، والشّافعي، والحنبلي، فإنّه يشترط الطهارة من الجنابة، بل ومن الحدث الأصغر. أمّا الرّاجح عند الحنفيّة، وفي رواية أحمد، أنّ الطهارة واجبة، ويصحّ الطواف بدونها، وتجبر بدمّ. وقيل أنّ الطهارة من الجنابة سنّة، وهذه رواية عن أحمد، وقد اختارها ابن حزم.
- اختلف العلماء في مكوث الجنب في المسجد، ففي المذهب الحنفي، والمالكي، والشّافعي، فإنّه لا يجوز للجنب أن يمكث في المسجد مطلقاً، أمّا الحنابلة فقد أجازوا له المكوث في المسجد، وذلك بشرط الوضوء، وقيل أنّه يجوز له المكوث مطلقاً، سواءً أكان على وضوء أم لا، وهذا هو اختيار ابن حزم.
- اختلف العلماء في قراءة الجنب للقرآن، ففي المذهب الأربعة لا يجوز للجنب قراءة القرآن، وقيل أنّه يجوز للجنب أن يقرأ القرآن، وهذا مذهب كلّ من ابن عبّاس، وسعيد ابن المسيّب، واختيار ابن حزم.
- اختلف العلماء في مسّ الجنب للمصحف، فاشترط الأئمة الأربعة له الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، وهذا اختيار ابن تيمية، وقيل أنّه يجوز للجنب أن يمسّ المصحف، وهذا مذهب ابن حزم.
- اختلف العلماء في صيام الجنب، فمذهب الأئمة الأربعة في ذلك أنّه يصحّ مطلقاً، وقيل أنّه لا يصحّ صومه مطلقاً، وهو مرويّ عن أبي هريرة، وسالم بن عبد الله، والحسن البصري، وقيل أنّه إن أخّر الاغتسال لغير عذر بطل صومه، وهذا قول عروة بن الزّبير.
أمّا الأمور التي يحلّ أو يستحبّ للجنب القيام بها، فهي: (1)
- يباح للجنب الذّكر، والدّعاء، والتّسبيح، وذلك لما رواه مسلم، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:" كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُل أَحْيَانِهِ ".
- يستحبّ للجنب إذا أراد أن يأكل، أو ينام، أو يطأ ثانيةً، أن يغسل فرجه، ثمّ يتوضّأ وضوءه للصلاة، وهذا مذهب الشّافعية والحنابلة، وهو قول عند المالكية، وذلك لما رواه مسلم:" كَانَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُل أَوْ يَنَامَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ ". وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا "، رواه مسلم. وفي القول الثّاني للمالكيّة فإنّ الوضوء واجب قبل النّوم أو معاودة الأهل. وأجاز الحنفيّة للجنب الوضوء من عدمه إذا أراد النّوم أو معاودة الأهل، لكنّ استحبّ الحنفيّة في الأكل والشّرب أن يغسل يديه ويتمضمض.
- يصحّ أذان الجنب مع الكراهة وهذا في جملة قول الأئمة.
- يجوز خطبة الجمعة لمن كان جنباً في المذهب المالكي مع كراهة ذلك، وفي ظاهر الرّواية عن الحنفية، وهو قول الإمام أحمد، وفي القديم عند الشّافعية، لأنّ الطهارة في خطبة الجمعة سنّة عندهم وليست شرطاً، ولأنّها من باب الذّكر والجنابة لا تمنع الذّكر، فإذا خطب الشّخص جنباً واستخلف غيره في الصّلاة فإنّه يجزؤه عند المالكيّة، وفي الجديد عند الشّافعية، وهو الأشبه بأصول مذهب الحنابلة.
المراجع
(1) بتصرّف عن الموسوعة الفقهية الكويتية/ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- الكويت/ الطبعة الأولى.
(2) بتصرّف عن كتاب من الأحكام الفقهية في الطهارة والصلاة والجنائز/ محمد بن صالح العثيمين/ وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد- المملكة العربية السعودية/ الطبعة الأولى.
(3) بتصرّف عن موسوعة أحكام الطهارة/ دبيان بن محمد الدبيان/ مكتبة الرشد- الرياض/ الطبعة الثانية.
(4) بتصرّف عن فتوى رقم 6133/ كيفية الغسل من الجنابة/ 27-2-2001/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net